أمراء طيبة الطيبة - 7 ديسمبر 2016
2021-10-23 608
وصلني طَرْدٌ كريمٌ من أخي سعادةِ الدكتور حاتم بن حسن قاضي وكيل وزارة الحجِّ السابق، ومستشار وزير الحجِّ حاليًّا، فلما فتحتُهُ وجدتُ فيه إصدارًا جميلاً للسيد ضياء بن محمد بن مقبول عطار عنوانه: (تحقيق الأمنيَّة بمنظومة أمراء مدينة خير البريَّة).
وهذا الكتابُ مكمّلٌ لكتابِ آخر للمؤلفِ سبق لي أن تكلمتُ عنه عنوانه: (رفع اللثام بمنظومة أمراء البلد الحرام)، وبهذين الكتابين يكون السيد العطار قد استقصى أمراءِ المدينتين المقدستين مكة المكرمة والمدينة المنورة في منظومتين طويلتين.
وجاءت المنظومةُ المدنيةُ في ثلاثمئةٍ وسبعةٍ وأربعين بيتًا على قافية الميم ومن بحر الوافرِ، كما جاء في مقدمة الناظمِ. بدأها بإمامةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، ثم بمنْ يستخلفهم في غزواته ومعاركه، وعدَّ منهم ستةَ عشر صحابيًّا، ثم استمرَّ يذكرُ من وليها على مرِّ التاريخِ حتّى بلغَ العهدَ السعوديَّ، فذكرَ إمارة الأمير محمد بن عبدالعزيز آل سعود بأمرٍ من والدِهِ الملك عبدالعزيز، وهو أولُ أمير للمدينةِ في العهد السعوديِّ، ثم سرَدَ الأمراءَ المتعاقبين، وهم: الأمير عبدالمحسن بن عبدالعزيز، والأمير عبدالمجيد بن عبدالعزيز، والأمير مقرن بن عبدالعزيز، والأمير عبدالعزيز بن ماجد بن عبدالعزيز. ويبدو أنَّ الكتابَ قد طُبِعَ قبل إمارةِ صاحبِ السموِّ الملكي الأمير فيصل بن سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة المدينة حاليًّا.
ومن لطائف الكتاب أنَّه يطعِّمُ سرْده لأسماء الأمراء ببعض الحوادث التاريخيَّة المهمَّة، فمثلاً حين ذكر الأمير (قُسيطل بن زهير) أشار إلى الحريق الضخم الذي وقع إبان إمارته سنة 886هـ، وهو حريق أتى على معظم المسجدِ النبويِّ، قال الناظم:
وفي أيامه شبتْ حريقٌ
وفي الحرم الشريف لها فُحومُ
فأصدر أمرَهُ السلطانُ فورًا
فأُبطلتِ الضرائبُ والرسومُ
وأُتحفتِ البيوتُ بأعطياتٍ
فضاءتْ من مسرَّتها العُتومُ
وأشار في موضع آخر إلى ما أصاب المدينةَ من غاراتِ الأعراب، وعُدوانهم على المدينةِ وعلى القوافل المتوجّهة للمدينة، وذلك في النصف الأول من القرن الخامس الهجريِّ بسبب ضعفِ الأمراء، وتنازُعِ الدولِ على حُكمِ المدينةِ.
وفي الجملةِ فإنَّ الكتابَ صغيرُ الحجمِ، كثيرُ الفائدةِ، وإنْ كان النظمُ يلجئ صاحبه أحيانًا إلى تكلُّفِ العبارةِ، فشكرًا للسيدِ العطارِ على عنايته بتاريخ المدينتين المقدستين، وشكرًا للدكتور حاتم قاضي على هذه الهدية